بكى الزمان

بكى الزمان بكاء طويلا وسألت نفسى على ما البكاء
وعدت السؤال مرارا وتكرارا ولن أرجع بدون أرتواء
وجلست أنظر على من حولى من أناس ضاعو فى لحظه فراق
ومرت سنين وأعوام وبعدها علمت من أين يأتى البكاء
علمت بعد أن دخلت دوامة الحياه وعشت السنين بحزن وعناء
علمت أن الزمان يبكى من كثرة هموم وبًعد وجفاء
علمت أنه يبكى على عبد عاش طويلا بدون أشتياق
لا لحبيب ولا لقريب ولكن حب للذات ومن غير وفاء
وبكى على أُناس كثيرين عاشوا وماتوا ولا يهمهم أى أزدراء
ولم أحس ببكاءه طول السنين إلا بعد ما بكيت على نفسى وعشت الهواء
علمت على ما يبكى ومن غير ضعف يبكى على حب مضى وياليتهُ بكاء
أنما أنين فى القلب وضيق فى الصدر وظُلمه ما بعدها ظُلمه ونكبه ودهاء
وسأحكى لكم قصتى لعلها تكون لكم قصة عبره ووفاء
أحببت محبوبتآ من غير خوف ولا هوان ولا جفاء
كانت لى سماء وأرض ورواسى كالجبال الراسيات من لوعة الاشواق
وكنت لها حبيب واب وإبن وعشت معها فى أجمل سماء
كنتُ طليق العنان فى حبها أظمأ وأشرب من حبها وحضنها
وعندما أخاف من زمان لا أنسى أنه بكى على كثير من هؤلاء
أرجع بدون تفكير فى أرضها وأرمى نفسى فى جو البلاء
نعم أنه بلاء وما له من شده لا يشعر به ألا من ذاق الهواء
وبعد سنين مضت رأيت حزنها فى عينى على حبيب سيرحل من سماء
لكى ينزل إلى سابع أرض ويذوق المُر على بُعد وجفاء
رحلت من حضنها نعم رحلت ولا أعرف الى أين الرساء
وظللت أذهب فى كل شُعبه ولا أدرى أراحل أنا الى حبها
نعم راحل الى حبها ولكن من غيرها وأصبحت سراب لا أقدر على حمله
فما بالك من حبها وعشقها ألم أقل لك أنه بلاء ونعم البلاء
ورأيت فى نفسى شوق وحنين بغير عاده وكأنه سحر الهواء
فصرخت أأرجع لمن تركتنى وخانت نفسها وعهدها وكأنه هباء
فحاولت أن أعيش فى أى حضن يعوض نقصى ويلم الجفاء
وظللت أحب هذه وتلك ولا أرى لنفسى حظ وثراء
فيا ترى العيب منى أم من قلبها؟ أو لأنه أول حب عشته بغباء
أو لكونها أجمل مخلوقه فى عالم نفسى أو لأنى لم أتذكر منها أى جفاء
وبعدما عشت زمان طويلآ ما بين حب وزواج بغير حساب
أيقنت من نفسى أنى لم أترك حبها لكى أذهب الى أرض سواء
فذاد همى وبكائى على نفسى ولم ينفع معى أين من الاشياء
وبعد كل ما ذقته من عذابها لا أشعر الا بحنين وأشتياق
وأقول لها لقد أشتقت إلى حبكِ وإلى كل لمسة حضن وهمسة شفاء
ولكن لا يفيد الندم على زمان قد سلف ومضى بهم وغم وحزن عناء
فيالت الزمان يبكى عليا ويشعر بأنى أسير الهواء
واقول لنفسى قد أعظم الله أجركى وأصبرى واحمدى الله على البلاء
لعل الله يأتى بخير وحب وأخرج من أعماق حزنى الى الضياء
أكون طليق العنان لنفسى لا لحبيبه وكأنى عايش فى ظلمه ومساء
وفى نهاية قصتى أقول للزمان أبكى عليا وشد البكاء والله لأن لم تبكى سأبكى أنا
على أيام عشتها وياليتها أيام وبعد كل هذا الكلام علمت على ما يبكى الزمان
بكى الزمان بكاء طويلا وعلمت من أين يأتى هذا البكاء